U3F1ZWV6ZTEyMzQ0NzU2Nzk1NjMyX0ZyZWU3Nzg4MTQwMDQ4MjU1

موضعة الظاهرة الإنسانية - تحليل ومناقشة - شرح بسيط للغاية

 

موضعة الظاهرة الإنسانية



مجزوءة المعرفة .
دروس الفلسفة الثانية باكالوريا .
موضعة الظاهرة الإنسانية .


الإشكالية .

 هل يُمكننا تحقيق الموضوعية والحياد في العلوم الإنسانية ( الإجتماعية )كما هو الحال بالنسبة للعلوم الطبيعية ؟ أم أن تداخل ذات الدارس، مع موضوع الدراسة يحول دون تحقيق ذلك ؟


أطروحة أُوجست كونتْ .

يُمكن دراسة الظاهرة الإنسانية والتعامل معها بنفس الكيفية التي نتعاملُ بها مع الظاهرة الطبيعية، وهذا من خلال التعامل معها كأشياء وموضوعات خارجية، موضوعات لها وجود مستقل عن وجودنا الفردي، وبالتالي فنفس القوانين التي نتعامل بها مع الظاهرة الطبيعية هي نفسها التي سنتعامل بها مع الظاهرة الإنسانية .
فإذا ما ابتغينا دراسة الظاهرة الإنسانية بشكل دقيق، فلا بد من تخليصها من أي وصاية لاهوتية أو ميتافيزيقية .
يعتقد اوجست كونت بأن الفكر البشري مر من ثلاث حالات : 
الحالة الأولى وهي الحالة اللاهوتية، في هذه الحالة كان الإنسانُ يُفسر الظواهر من خلال تفسيراتٍ لاهوتية وقوى إلهية .
 الحالة الثانية وهي الحالة الميتافيزيقية، في هذه الحالة كان الإنسان يُفسر الظواهر من خلال اعتماده على مفاهيم مجردة، فمن خلال العقل والتَّأمل كان يطمح الإنسان لتفسير كل الظواهر التي يُصادفها .
الحالة الثالثة وهي الحالة الوضعية، في هذه الحالة أصبح الإنسان يدرسُ الظواهر بطريقة علمية، فالفلسفة الوضعية دافع عنها اوجست كونت واعتبر بأنها السبيل الوحيد لتفسير كل الظواهر الإجتماعية والطبيعية، وذلك لأنها تعتمد على التجربة، وعلى معطياتِ الواقع، ثم فهي تبحث في العلاقة بين الأشياء وعللها وقوانينها، 
ومدام أن الوضعية في نظر اوجست كونت تُمكننا من تحصيل المعرفة سواءا في العلوم الطبيعية أو الإجتماعية، فهذا ما دفع به إلى القول بأن  علم الإجتماع  هو فيزياء اجتماعية،  أي أن له مبادىء وقوانين علمية خاصة به، لاتقل أهميةً عن القوانين والمبادىء الموجودة في العلوم الطبيعية والفيزيائية  .

أطروحة اميل دوركايم .

وفي نفس السياق يؤكد اميل دوركايم بأن دراسة الظاهرة الإنسانية والإجتماعية دراسة علمية ممكن، وذلك من خلال التعامل معها كأشياءٍ قابلة للملاحظة الخارجية، إذا ما اعتبرنا بأن الظاهرة الإنسانية ظاهرة تتسم بالشمولية والإلزام والقهر، فهذا سيمكننا من دراستها دراسة علمية، غير أنه يلزمنا في المقابل التخلي عن كل التصورات الذاتية والأحكام المسبقة، التي نحملها في أذهاننا اتجاه الظاهرة التي نريدُ دراستها، فنحنُ لايمكننا الحكم على الظواهر الإنسانية من خلال تجاربنا الخاصة، أو من خلال نظرتنا للأشياء، فالظواهر ينبغي أن ننظر لها باعتبار أن لها وجود مستقل ومحايد، وجود خارج عن ذاتيتنا .

أطروحة جُون بياجي .

يعتبر جون بياجي بأنه من الصعب بمكان أن ندرس الظاهرة الإنسانية النفسية دراسة علمية، وذلك بحكم أن العلوم الإنسانية بطبيعتها قائمة على التعقيد والتداخل .
الظواهر الطبيعية يمكن دراستها والإتقاق على أنها علمية، ولكن بالنسبة للظواهر الإنسانية فذاك صعبٌ، لأن الظواهر الإنسانية تتميز بخصائص لايمكننا تجريدها منها، ومن أهم هذه الخصائص الوعي، فمدام أن الوعي يشكل جزءً من الظاهرة الإنسانية وأهم صفةٍ فيها، فيستحيل بذلك التعامل مع الموضوعات الإنسانية بوصفها أشياء، صحيح بأن الأشياء َ غير واعية، ولكن الظواهر الإنسانية يتدخل فيها الوعي، ومدام أن الظواهر الإنسانية تحضر فيها ذاتية الباحث والعالم، بحيث يكون فيها الإنسان العالم هو الدارس، وهو موضوع الدراسة في آن الوقت، فإن ذلك سيقف عائقاً أمام امكانية علمية الظواهر الإنسانية، وبالتالي استحالة علمية الظواهر الإنسانية مع جون بياجي .

أطروحة لوسيان غولدمان .

يؤكد لوسيان غولدمان بدوره على استحالة دراسة الظاهرة الإنسانية دراسة علمية، وهذا بحكم اختلاف شروط عمل علماء العلوم الإنسانية، وشروط عمل علماء العلوم الحقة .
في العلوم الإنسانية تتداخل الذات العارفة بموضوع المعرفة، وبالتالي فذاتية الباحث أوالدارس تحضر في موضوع الدراسة، وهذا يعني انتفاء الموضوعية، ومدام أن العلم يتطلب الحياد والموضوعية، فهذا يستحيل في موضوع الدراسات الإنسانية، لأنه يستحيل على الدارس أن يكون خارج الموضوع الذي يبتغي دراسته، فأنت دائما ستجد نفسك ضد أي شيءٍ يختلف مع أفكارك، ومعتقداتك، وقيمك الخاصة، وبالتالي فتفسير  أي ظاهرة سيختلف على حسب تفسير كل شخص .
الإنسان يحمل مجموعة من القناعات اللاواعية في ذهنه، وهذه القناعات هي التي تحولُ دون فهمه للظاهرة الإنسانية فهماً موضوعيا .
وبما أن العلوم الحقة تتسم بالموضوعية والحياد، فهي التي تستحق منا أن نصفها بالعلمية، أما العلوم الإنسانية فهي تفتقر إلى ذلك ( الموضوعية )، ولذلك فهي لايمكن أن تكون علمية، ومنه يستحيل دراسة الظواهر الإنسانية دراسة علمية مع لوسيان غولدمان  .



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة