المحور الأول : المعرفة التاريخية
الإشكالية
باعتبار أن المعرفة المكونة عن الماضي، هي معرفة ولت وانقضت، ألا يعني ذلك، صعوبة في بنائها، أم أن المعرفة التاريخية، يمكن بنائها من جديد؛ إنطلاقا من أحداث ووقائع مضت ؟
تصور ابن خلدون
يُعَرف التاريخ حسب ابن خلدون؛ باعتباره سيرورة للعمران البشري، ويميز بين خلدون بين وجهين اثنين للتاريخ، وجه ظاهر، ويتعلق بسرد أحداث وأخبار الماضي،وبين وجه باطن، وهو تجاوز للسرد، وارتباط بالكيفيات، والعلل التي تقف من وراء أحداث الماضي، إن باطن التاريخ يكمن في البحث والتحقيق عن الكيفيات والأسباب التاريخية لأجل فهمها واستيعابها .
تصور هنري مارو
لايعني التاريخ حسب هنري مارو، مجرد سرد، وتدوين لأحداث الماضي؛ فالتاريخ ليس عملا أدبيا، ولا فنا يروى، وإنما هو معرفة علمية، يقوم المؤلف بتركيبها، وبنائها عن التاريخ؛ لمعرفة حقيقته، وبيان أخباره، ولا يكون ذلك إلا من خلال الإعتماد على منهج علمي صارم ودقيق، فدراسة المؤرخ لأحداث الماضي لايعني الإهتمام بالرواية والسرد فقط، وإنما يسعى المؤرخ من خلال دراسته وأبحاثه، إلى التحقيق في أخبار الماضي؛ بغية جعل التاريخ موضوعا قابلا للمعرفة والإدراك العلمي الدقيق .
خلاصة
التاريخ في وجهه الظاهر، سرد ورواية لأحداث، وأخبار الدول، والأمم السابقة، وفي وجهه الباطن، معرفة تقوم على منهج علمي، يبنى على التدقيق والتحقيق، في كل الأخبار والأحداث، لبيان صدقها، من كذبها ( ابن خلدون ) .
إن تعريف التاريخ حسب هنري مارو يتجاوز البحث والدراسة للماضي، ويرتبط بالمعرفة العلمية، التي يبنيها المؤرخ؛ باعتماده على منهج علمي صارم ودقيق، هذا المنهج يسثني الروايات، والأساطير الشعبية من المعرفة؛ لأنها معارف تحول دون معرفة حقيقة التاريخ.
المحور الثاني: التاريخ وفكرة التقدم
هل التاريخ يتقدم، أم يعيد نفسه ؟ وهل تسلسل الأحداث التاريخية، يتم وفق معنى وغاية، أم يخضع لمنطق الصدف ؟
تصور إدوارد كار
يميز إدوار كار بين مفهومي التطور والتقدم، حيث يؤكد على أن التطور، يتعلق بما هو بيولوجي، بينما التقدم يرتبط بما هو سوسيو تاريخي، ويعتبر بأن التقدم في التاريخ، لا يتم بشكل متواصل ومستمر، بل يتوقف تارة، ويستمر تارة أخرى .
تصور كارل ماركس
يرتبط تقدم التاريخ، عند كارل ماركس؛ بفعل الصراع، القائم بين قوى الإنتاج المادي، داخل المجتمع الرأسمالي، هناك طبقة برجوازية، تمتلك جميع وسائل الإنتاج، وطبقة عاملة ومستعبدة ( البروليتاريا )، تخضع لهذا النمط الرأسمالي هذا الصراع لا ينتهي، إنه مستمر بلا انقطاع وحينما ينتهي التاريخ .
أطروحة كلود ليفي ستروس
التاريخ يتقدم، ولكن لايعني ذلك، أنه يتقدم وفق سلسلة منتظمة ومتصلة، وإنما على شكل قفزات، أو وثبات، إنه يخضع لمنطق الفجائية والنسبية .
المحور الثالث : دور الإنسان في التاريخ .
الإشكالية
هل يعد الإنسان فاعل في التاريخ ؟ وهل له دور في صنع مجموعة من الأحداث فيه ؟ أن أنه خاضع لمنطقه الخاص ؟
تصور لويس التوسير
حسب لويس التوسير، فالأفراد ليس بإمكانهم أن يكونو ذوات فاعلة ومؤثرة، في صناعة أحداث التاريخ؛ لأن ذلك يرجع إلى نظام البنيات، بمعنى أن أنماط الإنتاج، وعلاقاته الأساسية، هي من تحدد الأدوار، وهي من ترسم مسار التاريخ ،بدون إرادة من الأفراد .
أطروحة لوسيان غولدمان
ينتقد غولدمان كل التصورات، التي تُنفي دور الإنسان في التاريخ، ويتبنى أطروحة أساسية، مفادها أن التاريخ، هو نتاج لممارسة الإنسان وأفعاله. إن الناس يستطيعون فيما بينهم، خلق علاقات انسانية منظمة وواعية؟ تؤثر في الإنتاج وتحول علاقاته الأساسية لإراداتهم الحرة .
تصور جون بول سارتر
يرى سارتر بأن الحرية، هي المعطى الذي يتميز به وجود الإنسان، ومنه لايمكن القول؛ بأن الإنسان خاضع لضرورات، وقوى خارجية تتحكم فيه؛ فالإنسان باستطاعته أن يتجاوز الظروف، ومختلف الإكراهات المادية والإجتماعية؛ ليرسم مساره الخاص في التاريخ، وبالتالي يؤثر فيه، ويصنع مجموعة من أحداثه .
خلاصة
يختلف الفلاسفة والمفكرون، حول دور الإنسان في التاريخ؛ فمنهم من يرى بأن الإنسان، مجرد أداة في يد التاريخ، مثل هيجل والتوسير، في حين اتجه البعض الآخر، إلى القول بأن الإنسان، فاعل ومؤثر في التاريخ، كسارتر .
إرسال تعليق