" قيمة الشخص "
الإشكالية
أين تكمن قيمة الشخص ؟ هل باعتباره غاية في ذاته ؟ أم باعتباره مجرد وسيلة ؟ وكيف يمكن لإنخراط الشخص داخل المجتمع، أن يحدد قيمته الشخصية ؟
تصور كانط
يرى كانط بأن قيمة الشخص، تكمن في اعتباره غاية في ذاته، وليس مجرد وسيلة، إن الشخص يستمد قيمته من خلال عقله العملي والأخلاقي، والذي به يكتسب الشخص الفضائل والأخلاق كلها، فلإمتلاك الشخص العقل والكرامة، فإنه بذلك يتجاوز الموجودات، ويسمو عليها؛ فالشخص ليس شيء من الأشياء، مجرد من العقل، والقيمة، بل هو كائن عاقل وأخلاقي، وبذلك فهو يستمد غايته من ذاته وليس من أي معطى خارحي وبامتلاك للعقل؛ فإن الشخص يرغم الآخرين على أن يحترموه ويقدروه، وعلى أن يعتبروه غاية في ذاته، وليس مجرد وسيلة خالية من أي قيمة .
تصور طوم ريغان
يرى طوم ريغان؛ بأن المعيار الذي وضعه كانط، لتأسيسه لقيمة الشخص، غير كافي، وذلك لأن كانط يفترض بأنه يجب علينا احترام القيمة المطلقة للأشخاص، بوصفها كائنات عاقلة، حتى مع وجود بعض الحالات، التي تفتقر لهذه الميزة كالأطفال، والمجانين، وبالتالي فإن ما يوحد بين الكائنات البشرية، ليس هو العقل، ولكن باعتبار أن جميع الكائنات البشرية، لها القدرة على الإحساس، فهي كائنات حاسة . من هنا يتساءل طوم ريغان، ما هي الكائنات البشرية التي تستحق صفة شخص؟ ليجيب بأن الإنسان ليس كائنا عاقلا فقط، بل هو كائن حاس، وله القدرة على أن يستشعر وجوده وقيمته في الحياة؛ ولذلك فحتى من لايمتلك عقل، كالطفل الصغير، و كالمجانين فهي كائنات انسانية، تعتبر أشخاصا، ولها قيمة، ومنه كان لزاما أن نحترمها وأن نقدرها .
تصور جون راولز
يعتبر جون راولز؛ بأن قيمة الشخص، تتحدد بعضويته، و كفاءته في المجتمع، فمن خلال عضوية الشخص وانتمائه للمجتمع، وانفتاحه على الآخرين، وكذلك من خلال كفاءاته ومهاراته العقلية، والتزامه بمبادىء الأخلاق، كل ذلك يدفعه إلى التعاون مع الآخرين، في بناء مجتمع حقوقي، يتساوى فيه جميع الأفراد، من حيث الحقوق والواجبات .
تصور جورج غوسدروف
يستمد الشخص قيمته، من خلال إنفتاحه على الغير، إذ يميز غوسدروف بين الفرد والشخص، فالفرد عنده، يضع نفسه مقابل العالم، وينغلق على ذاته ، أما الشخص فهو الكائن، الذي يدرك بأن قيمته ومكانته داخل المجتمع، لايمكن أن تتم، إلا من خلال الإنفتاح على الآخرين، ومشاركتهم .
خلاصة
يتبين من خلال ما سبق، أن قيمة الشخص، تكمن في اعتباره غاية في ذاته، وذلك لكونه كائنا أخلاقيا، يمتلك العقل، وله القدرة على التحرر من الميول والأهواء، هذه القيمة تسمو وتتجلى أكثر، لحظة خروج الشخص من ذاته، وانفتاحه على الآخرين، وانخراطه معهم، إضافة إلى ذلك فقيمة الشخص تظل نظرية، إذا لم تتأسس على قوانين داخل المجال السياسي؛ لتصبح ممارسة عملية، قائمة بذاتها ، بحيث تحفظ كرامة الإنسان، وتجرم كل اعتداء على حقوقه الأساسية كالمساواة والكرامة .
إرسال تعليق