الأنا والوعي
《هناك شيء يرفع الإنسان بشكل نهائي فوق كل المخلوقات الأخرى التي تعيش على الأرض، وهو أنه قادر على أن يمتلك تصوراً عن ذاته، أي عن الأنا، وانطلاقاً من ذلك يصبح شخصاً. وبفضل وحدة الشعور والوعي الذي يظل قائما عبر كل التغيرات التي وهو الفاعل القائم وراءها، فإن الشخص هو شخص واحد كما أنه هو ذات الشخص. إن الشخصية تشهد على وجود فرق كلي بين الإنسان والأشياء سواء من حيث الموقع أو من حيث الكرامة والقيمة .وبهذا الصدد فإن الحيوانات من حيث هي جزء من عالم الأشياء، ومجردة من العقل، فإن بإمكاننا أن نعاملها وأن نتملكها كما نشاء .
وحتى عندما لا يكون الإنسان قادراً على أن يقول كلمة أنا، فإن لديه مدلولها في فكره، كما أن اللغات التي ليس لديها صيغة للتعبير عن ضمير المتكلم بلفظ خاص، مدعوة إلى أن تتوفر على تصور لهذا المدلول، أو تكوِّن فكرة عنه، وذلك عندما تكون مدعوةً للإشارة إليه .
لكن لابد من الإشارة إلى أن الطفل، عندما يتمكن من الكلام، فإنه لايشرع في الحديث بصيغة المتكلم أو باستعمال لفظ أنا، إلا بعد مدة طويلة ( حوالي سنة من تعلم اللغة ) وإلى حدود ذلك الوقت، فإنه يتحدث عن نفسه بصيغة الغائب( زيد يريد أن يأكل، أن يمشي، إلخ ... ) وعندما يبدأ في النطق بكلمة "أنا" فإن نوراً جديدا يغمره، منذ تلك اللحظة فإنه لن يرجع إلى الصيغة الأولى لتعبيره عن نفسه . من قبل كان الطفل يحس بذاته إحساساً حسيّا مباشراً، والآن يدرك نفسه كذات تعي وتفكر . 》
نص امانويل كانط " الأنا والوعي " من كتاب مباهج الفلسفة ص 13 .
صاحب النص .
كانط Emmanuel Kant :
فيلسوف ألماني، تدعى فلسفته بالفلسفة النقدية .
من أهم أعماله :
" نقد العقل الخالص " 1871
" نقد العقل العملي " 1787
" نقد ملكة الحكم " 1790
تحليل نص كانط
شرح المفاهيم
الأنا : هي الذات، أو الأنا المفكر؛ الذي يميز الشخص عن باقي المخلوقات .
الشخص : الشخص عند هيغل جوهر وماهية، تتمتع بالحرية والعقل، بينما تدل الشخصية على ما يختزنه الشخص داخله، أي أن الشخصية تعبير عن حقيقة جوهر الشخص من الداخل .
اللغة : مجموعة من العلامات والرموز؛ التي تؤدي وظيفة تواصلية ومعرفية بين الأفراد، وهي تعبير حي عن الثقافة الإنسانية .
الحدس : هو معرفة مباشرة وتلقائية بالأشياء، والمواضيع التي لا يحتاج فيها الذهن إلى وسائط، أو وسائل لتحصيلها .
حدس حسي : هو إدراك حسي مباشر؛ لشيء ما من خلال الحواس .
حدس عقلي : هو إدراك عقلي مباشر؛ لفكرة أو قضية، بدون الحاجة إلى استدلال أو برهان .
الإشكالية التي يعالجها النص
وهي مسألة الوعي بالذات، وكيف يمنح هذا الوعي للإنسان قيمة كرامة .
إشكالية النص
ما الذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى، ويمنحه كرامة ؟
كيف استطاع الإنسان أن يتميز عن الحيوان ؟
لماذا يعد اللفظ بكلمة أنا بالنسبة لكانط، لحظة حاسمة في وعي الإنسان بذاته ؟
الأطروحة
الإنسان كائن يتميز عن الحيوانات، بالوعي والإدراك والعقل، وهذا ما يجعل منه كائنا حرا ومسؤولا، وذا كرامة لا تقدر بثمن، الوعي عند كانط لا يبدأ إلا في اللحظة التي ينطق فيها الطفل بكلمة أنا .
قد تتعدد اللغات وتحصل بعض المشاكل في النطق بها ( أنا ) إلا أن الإنسان مع ذلك يبقى دائما يحمل تصورها ومدلولها في عقله .
الأفكار الأساسية
أولا : قدرة الإنسان على التفكير، وعلى الوعي بالذات، يجعله كائنا متميزا عن باقي الكائنات .
ثانيا : قد يعجز الإنسان عن النطق بكلمة أنا، ولكنها مع ذلك تظل ماثلة في فكره .
ثالثا : عندما يتمكن الإنسان من النطق بكلمة أنا، ينتقل حينها من الإحساس بالذات، إلى الوعي بالذات .
خلاصة
يرى كانط بأن الإنسان يتميز عن جميع الكائنات الأخرى؛ بقدرته على تحصيل وعيه ذاتي، هذه الخاصية هي التي تجعل من الإنسان شخصا مفكرا، وذا قيمة وكرامة، والوعي بالذات عند كانط، يبدأ بالنطق بكلمة أنا، والتي تكون ماثلة حتى في ذهن العاجز عن قولها . إن النطق بكلمة أنا مرحلة حاسمة في حياة الإنسان، فبها ينتقل من الإحساس بالذات، إلى الوعي بها، من هنا يستشعر الإنسان قيمته كذات حرة ومسؤولة ومتميزة .
شكرااا 🍓🍓🍓
ردحذف