U3F1ZWV6ZTEyMzQ0NzU2Nzk1NjMyX0ZyZWU3Nzg4MTQwMDQ4MjU1

الغريزة أقوى من الوعي - فريدريك نيتشه - دروس أولى باك

             

  







                      الغريزة أقوى من الوعي 


《 الجانب الواعي من النفس هو آخر درجات تطور 
الجهاز العضوي، ومن ثمة فهو الأقل اكتمالا والأكثر هشاشة . فالكثير من الزلات يعود أصلها إلى هذا القسم الواعي، كما تصدر عنه الكثير من الأشياء الحقيرة التي يمكن أن تجعل أي حيوان أو أي إنسان يفنى قبل أوانه ... لو لم تكن الغرائز، بكونها رابطة حافظة ومحافظة، قوة لا نهائية، ولو لم يكن لها دور تعديل التوازنات، لهلكت البشرية من زمان نتيجة أحكامها العبثية، وطيشها وأحكامها المتسرعة والشكلية، وبسبب سداجتها وقابليتها السريعة للتصديق، فكل وظيفة من وظائف الجسم ، قبل أن تتطور وتكتمل وتنضج (كما الحال بالنسبة للوعي ) هي خطر على الكائن العضوي ... وهكذا فنحن نغالي ونستبد عندما ننسب إلى القسم الواعي من النفس، الكثير من الخصائص ونعتد به ، ونتخيل أنه هو " الكائن الإنساني " وأنه دائم وخالد وأولي ! كما نتصور القسم الواعي بمثابة كمية ثابتة ومعطاة، وننفي عنه النمو ونغفل ترابطاته، ونعتبره هو المجسد لوحدة الكائن العضوي . 

لقد كانت نتيجة هذا التقدير الزائد البليد للوعي، وهذا الجهل بطبيعة الوعي هو تلك النتيجة السعيدة المتمثلة في إعاقة التطور السريع للوعي .

وبما أن الناس يتوهمون أنهم يمتلكون الوعي، وأنهم واعون فإنهم لا يبذلون أي جهد من أجل تحصيله واكتسابه، وإلى اليوم لم يتغير شيء في هذا الوضع .

إن هناك مهمة جديدة مطروحة لا تكاد تدركها العين الإنسانية، ولا تكاد تتعرف عليها، وتعترف بها، وهي مهمة تمثُّل وتجسيد المعرفة وجعلها مسألة غريزية. وهذه المهمة لا يملك أن يدركها إلا أولئك الذين فهمو أننا ، إلى الأبد، لم نتمثل إلا أخطاءنا، وأن كل الجانب الواعي فينا لا يتعلق إلا بمجموعة من الأخطاء . 》


نص من الكتاب المدرسي - الغريزة أقوى من الوعي - فريدريك نيتشه - ص 14




التعريف بصاحب النص ( فريدريك نيتشه )


فريدريك نيتشه هو فيلسوف ألماني، يصنف عادة من فلاسفة ما بعد الحداثة، وذلك لنقده للفلسفة الحديثة و لتراثها منذ سقراط، اهتم نيتشه بالبحث في أصل الأخلاق و القيم، باعتبارها معطى تاريخي محكوم بإرادة القوة. من مؤلفاته: إرادة القوة، ما وراء الخير والشر ، جينيالوجيا الأخلاق .


الإشكالية 


من يتحكم في حياة الإنسان، هل الوعي أم الغريزة؟ ومن يوجه أفعال الإنسان  هل هو منطق العقل، أم قوة الغريزة ؟


الأطروحة


  للغريزة دور وتأثير على حياة الإنسان، وهو تأثير يفوق وعي الإنسان؛ فالغريزة في رأي نيتشه هي القوة الضامنة لإستمرارية الكائن الحي  إنها من يحفظ بقاء الحياة، أما الوعي فلم ينشأ سوى عن الأوهام والأخطاء، والقيم التي تحط من شأن الإنسان وقيمته في الحياة . إن الغرائز تشكل مكونا أساسيا لحياة الإنسان ووجوده، بينما الوعي والعقل يحتم على الإنسان، أن يتقبل مجموعة من الأوهام والأشياء التي تتعارض مع الحياة .



المفاهيم


الوعي: هو الإدراك العقلي والحسي بجميع الأشياء، ولكنه حسب نيتشه  لايمثل إلا جزءا بسيطا من ذات الإنسان، ارتقى وتطور مع الزمن .


الغريزة : تتضمن الغريزة كل ما هو فطري ومعطى في الكائن الحي، إنها الضامنة لاستمراريته .



البنية المفاهيمية 


الوعي حسب نيتشه، لا يشكل سوى المرحلة الأخيرة من تطور الكائن العضوي، بينما أساس هذا الكائن هو الغريزة، والتي تمثل أحد أنماط السلوك الغريزية لدى الكائن الحي .


إن دور الغريزة حسب نيتشه،  يتجلى في الحفاظ على استمرارية نشاط الكائن الحي، سواءا كان إنسانيا أو حيوانيا .


يبين نيتشه بان الوعي عبارة عن مجموعة من الأخطاء والأوهام، التي راكمتها البشرية منذ أمد بعيد، والذي يتعارض بشكل واضح مع الطبيعة الإنسانية،  المبنية على الإحساس وعلى التجربة الجسدية .


الحجاج


أسلوب الدحض :


يدحض نيتشه تصور الفلسفات الكلاسيكية والقيم المسيحية، ونظرتها للفكر والغريزة، مبينا أن هذه الفلسفات جوفاء، وضد قوة الحياة ونداءها، فنيتشه يعتقد بأن الوعي ما هو إلا جانب أقل اكتمالا وهشاشة ضمن حياة الإنسان، وهو آخر درجات تطور الكائنات الحية، ولو أن الغرائز لم توجد لهلكت البشرية من زمان؛ فالغرائز هي الضامنة والحافظة، إن القيم المبنية على تعاليم المسيحية، قيم حالت دون تقدم الحياة وتطورها .

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة