الأنا والهو " تحليل نص سيغموند فرويد " أولى باك

                 الإيديولوجيا واللاوعي 

مقدمة 

تتميز فلسفة ألتوسير بإعادة قراءتها لفكر ماركس في قالب جديد، وبإقحامها لمفاهيم التحليل النفسي والبنيوية في تأويل الفكر الماركسي.

لقد قام ألتوسير بإدراج مفهوم اللاوعي في دراسة الإيديولوجيا وفهمها، حيث اعتبرها لويس ألتوسير بأنها لا واعية في جوهرها، إذ ترتبط وتتداخل مع عدَّة مغاهيم كالخيال، والإرادة، والأمل .

التَّعريف بصاحب النَّص .

لويس ألتوسير Louis Althusser ) ولد في عام 1918 وتوفي في عام 1990، وهو فيلسوف فرنسي معاصر، له مجموعة من الأعمال والقراءات الفلسفية، ولعل أهم هذه الأعمال نذكر .

-" دفاعا عن ماركس " 1965 .

- " الفلسفة والفلسفة التِّلقائية للعلماء " .

البنية المفاهيمية .

الإيديولوجيا : هي جملة من الأفكار، التي ترتبط ارتباطا اجتماعيا؛ بمجموعات اقتصادية، أو سياسية، أو دينية، أو عرقية، وغيرها، وهي تعبر عن مصالح هذه المجموعات وغاياتها . إنها تعمل كبنية مضادة للتاريخ، كما تشكل شكلا من أشكال الوعي الزَّائف.

التمثلات : هي كل ما يتمثل في النفس ويتجلى من أفكار وتصورات وخيالات ومشاعر .

النَّسق : عبارة عن مجموعة من العناصر المنتظمة، التي ترتبط فيما بينها، والتي تقوم على علاقات متماثلة، إذ يتوقف كل عنصر داخل هذا النسق  على باقي العناصر الأخرى، داخل المجموعة .

التَّركيب : هو تركيب شيء جديد من خلال الجمع بين عدة عناصر جزئية أو بسيطة، وهو بصيغة أخرى يعني، الإنتقال من البسيط إلى المركب، ومن البسيط إلى المعقد .

العَلاقات المفاهيمية .

 الإيديولوجيا واللاوعي : الإديولوجيا عبارة عن نسق، وبنية جوهرية لاواعية في تاريخ المجتمعات الإنسانية، إنها ليست غير صور وخيالات ناجمة عن دوافع ونوازع لاواعية .

     

 الإيديولوجيا والواقع : مادامت الإديولوجيا تعبر في جوهرها عن بنية لاواعية في تاريخ المجتمعات، ومدامت تحمل صور، وخيالات وهمية؛ فإنها بذلك لاتعكس حياة الناس الواقعية، بل تعبر فقط، عن رغبات، وآمال الإنسان في العيش في عالم أفضل، أكثر مما تُعبر عن واقع الإنسان الفعلي .

الأفكار الأساسية للنَّص 

أولا : الإديولوجيا في جوهرها لاواعية، لأنها تمثل صوراً، وتمثلات خيالية، لاتمت للوعي بصلة .

ثانيا : الإديولوجيا تفرض نفسها على حياة الناس كبنيات وأنساق لاواعية .

ثالثا : الإديولوجيا لا ترتبط بظروف عيش الناس، ولا تعبر عن العلاقة الحقيقة لهم بواقعهم .

رابعا : الإديولوجيا لا تحمل لنا، إلا صورًا وهميًة عن الحياة، ولا تُعبر عن الواقع المعاش، بقدر ما تعبر عن آمال، وطموحات الإنسان للعيش في واقع أفضل .

البنية الحجاجية للنَّص 

اعتمد صاحب النص على مجموعة من الأساليب الحجاجية، لدعم أطروحته، ولتأكيد أفكاره، ومن بين هذه الأساليب نذكر :

أسلوب التوكيد 

 " إن الإديولوجيا ... "

" إنها تكون في معظم الأحوال ... "

اتخذ صاحب النص هذا الأسلوب، للتأكيد على أن الإديولوجيا  ساهمت في بناء الشعوب، والمجتمعات الإنسانية، وأكد أيضا بأنها تفرض نفسها على الناس، بطرق ملتويةٍ ولاواعية .

أسلوب النقد والإعتراض 

" علينا ألا ننخدع ... "

 " الناس لا يعبرون في الإيديولوجيا عن .. بل .. "

وقد انتقد صاحب النص كل الأطروحات، التي تربط الإديولوجيا بالوعي  وتتناسى دور اللاوعي وأهميته في التأثير في أفكار الناس، وتمثلاتهم عن واقعهم المعاش،ليؤكد معترضا على ذلك بأن الإديولوجيا متجذرة في تاريخ الشعوب والمجتمعات الإنسانية، وبأنها تفرض نفسها على واقع الناس، وإن لم يكن ذلك من خلال الوعي . 

إشكالية النص 

 هل ترتبط الإديولوجيا بالوعي أم باللاوعي ؟ وهل تعبر عن العلاقة الحقيقة للناس بواقعهم، وظروف عيشهم ؟ أم أنها لاتعدو أن تكون مجرد تعبيرات، عن أوهام وصور خيالية، مرتبطة بآمال الناس وطموحاتهم ؟ 

 الأطروحة

يذهب ألتوسير إلى اعتبار أن الإديولوجيا  ترتبط باللاوعي، وليس بالوعي كما تعتقد بذلك الفلسفات الماركسية، ويرى بأن الإديولوجيا لا تعبر عما يعيشه الناس في واقعهم المعيشي، كما لا تعبر في نظره، عن ظروفهم التي يعيشونها، بل هي تجسد في نظره مجرد آمال، وحنين إلى مجتمع وعالم أفضل،وبهذا تكون الإديولوجيا حسب ألتوسير، في جوهرها لاواعية، مدامت ترتبط بصور، وخيالات، وأوهام، لاعلاقة لها بالواقع .

خُلاصة تركيبية

لقد اعتبر كارل ماركس، بأن الوعي يرتبط بالظروف المادية والإجتماعية، وتبعا لهذه الظروف يتحدد وعي الناس بالواقع الذي يعيشونه،  ولكن ما يُلاحظ على أطروحة ماركس، هو أنها أخضعت الفكر الإنساني برمته للحياة المادية، ولم تمنحه أي استقلالية، ولو جزئية في التفكير، فأغفلت بذلك الدوافع اللاواعية، التي تؤثر في سلوك الإنسان وتصرفاته.

وكرد على هذا الطرح، جاءت أطروحة لويس ألتوسير، لتؤكد بأن الإديولوجيا لا ترتبط بالوعي، ولا صلة لها به، بل هي في نظره ترتبط ارتباطا وثيقا باللاوعي، إذ تُعبر عن آمال الناس، وحنينهم إلى مجتمع مثالي.

 ولكن إذا كان ألتوسير، قد سلط الضوء على الجوانب اللاواعية في حياة الإنسان، وتأثيراتها عليه، فإنه في المقابل ألغى دور الوعي، وأهميته في فهم الإديولوجيا، وكشف أوهامها.