مجزوءة السياسية .
مفهوم الدولة .
طبيعة السلطة السياسية .
تقديم إشكالي .
السلطة السياسية شرط أساسي، وأمر لا محيد عنه، فلا يمكن تخيُل وجود دولة بدون سلطة، فالدولة لا يمكن أن تُمارس مهامها ووظائفها بدون وجود سلطة مؤطرة ومنظمة، ولكن الإشكالية التي تبقى مطروحة هنا، هي حول طبيعة ممارسة هذه السلطة، فهل هي سلطة قائمة على الحق، والرفق، وفصل السلط، والإعتدال، أم هي سلطة ماكرة، تعتمد على العنف والقوة والإستبداد، وفي ضوء هذه الإشكاليات يمكن أن نطرح بعض الأسئلة الإشكالية بخصوص هذا الموضوع، على ماذا تقوم طبيعة السلطة السياسية ؟ هل تقوم على الحق والقانون، ومبدأ فصل السلط ؟ أم هي قائمة على العنف والتَّسلط والإكراه ؟ ألا يمكننا الحديث عن وجود سلطة معتدلة، قائمة على الرفق والإحساس بالرعية ؟
مفهوم السلطة : هي القدرة التي من خلالها يُمارس الأفراد أو الجماعات تأثير، لتوجيه سلوكيات الآخرين وتأطيرها، فإذا ما تَأسستْ هذه السلطة على مبادىء مشروعة، سُميت بذلك سلطة مشروعة، أما إذا تأسست على القوة والإكراه، كانت بذلك سلطة قمعية، وغير مشروعة .
أطروحة مونتسكيو .
يرى مونتسكيو بأن ِلكل دولة ثَلاثْ سلط، وهي : السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، بخصوص السلطة التشريعية فهي السلطة التي تقوم بسن القوانين وتشريعها، أما السلطة التنفيذية فهي السلطة التي تُنفذ القوانين، وأخيرا السلطة القضائية، وهي السلطة التي تحكم في النزاعات وتفصلُ فيها، سواءً كانت هذه النزاعات قائمة بين الأفراد، أو المؤسسات.
يعتقد مونتسكيو بأن كلَّ تداخل بين هذه السلط، تنتج عنه سلطة مستبدة، لأن المشرع الذي سيضع القوانين، هو الذي سيكون في آن الوقت المنفذ والقاضي، وهذا لا يستقيم، إذا ما ابتغينا أن تكون الدولة، دولة ديمقراطية وعادلة، ولذلك يدعو مونتسكيو إلى ضرورة الفصل بين السلط.
أطروحة ما كيافيلي .
السياسة هي مصالح، ولايمكن للسياسة أن تكون غير مصلحة يروم من خلالها الأمير تحقيق مكاسب وأغراض شخصية، ولعل أهم هذه المصالح والمكاسب التي يبتغيها الأمير أو الحاكم، هي السلطة، والسلطة لايمكن للأمير أن يضمن استمراريتها إذا كان مستقيما، وفاضلا، ومتحليا بالأخلاق الفاضلة، من استقامة، وأمانة، ووفاء ... وذلك لأن التشبث بهذه القيم، فيها ضياع لمصلحة الأمير، والتي هي السلطة، فالتاريخ الإنساني يشهد بأن الأمراء الذين حافظو على السلطة لفترة أطول، لم يكونوا أوفياء يوماً، أو أشخاصاً مستقيمين، وإنما كانوا يتحلون بصفات حيوانية وخبيثة؛ كالمكر والخداع، ومن خلال هذه الصفات الحيوانية، استطاعوا الحفاظ على السلطة، وعلى التأثير في عقول الناس .
حسب ماكيافيلي فالأمير يجب عليه أن يُزاوج بين طريقتين في القتال : الأولى تتأسس على القوانين، والثانية ترتكز على القوة والمكر، ولذلك ينبغي أن يكون الأمير قوياً كالأسد، وماكراً كالثعلب، ثم وجب عليه أن يعرف الطريقة التي من خلالها يُصارع أعدائه ويقضيَ عليهم .
أطروحة ابن خلدون .
السياسة ليست مجال للصراع والعداء، كما يعتقد بذلك ماكيافيلي، ولكنها أيضا مجال لقيم الحق والعدل، ولذلك فإن ابن خلدون على خلاف ماكيافيلي، يرى بأن الحاكم أو السلطان، يجب أن يتحلى بكل القيم والأخلاق، التي تقربه من رعيته وتجعله يكسب محبتها، فالرعية لا تهتم بالصفات الجسمية، أو القدرات العقلية للحاكم، ولكنها تهتم أكثر بالسلوك، وبالتعامل الفاضل .
إذا كان تعامل الحاكم مع الرعية تعامل مستبد وفيه قسوة، فإن ذلك ينقص من قيمته لديها ( الرعية )، أما إذا كان تعامله معها، مبني على العطف، والرفق، والإعتدال، فذلك من شأنه أن يُكسبه ( الحاكم ) وُدها وثقتها فيه .


إرسال تعليق