نضال المغرب من أجل تحقيق الإستقلال واستكمال الوحدة الترابية .
تقديم إشكالي .
شَهِد المغرب خلال الفترة الممتدة بين سنة 1930م وسنة 1953م مقاومة سياسية، ابتغت من خلالها المقاومة المغربية تحقيق جملة من الإصلاحات السياسية، وتجاوز التمييز الحاصل بين الفرنسيين المقيمين بالمغرب، وبين من هم أبناء المغرب، ولكن عارضت سلطات الحماية هذه المطالب، مما أدى إلى اندلاع المقاومة المسلحة بدايات الخمسينيات من القرن الماضي ( 1953م )، فكان من ثمار هذه المقاومة استرجاع المغرب لإستقلالة، وبداية لخوض معركة استكمال وحدته الترابية .
فما هي الظروف التي مهدت لقيام الحركة الوطنية ؟
وماهي التطورات التي مرت من خلالها هذه الحركة ؟
ثم ماهي مراحل استكمال الوحدة الترابية للمغرب ؟
أولا : الحركة الوطنية : عوامل ظهورها، ومراحل تطورها من سنة 1930 إلى 1939 م .
1 - ظروف قيام الحركة وطنية .
بالرغم من الإستغلال ومختلف الضغوطات التي تعرض إليها المغرب، إلا أن إصدار الظهير البربري من طرف سلطات الحماية الفرنسية " 16 ماي 1930م، يعدُ أبرز حدث أدى إلى قيام الحركة الوطنية .
2 - الحركة الوطنية في منطقة الاحتلال الفرنسي
تَأسس أول حزب بالمغرب خلال الثلاثينيات القرن الماضي؛ بزعامة كل من علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني، وأحمد بلافريج ( كتلة العمل الوطني )، وتبنت مطالب هذا الحزب برنامجا إصلاحيا متكاملاً، تم تقديمه لسلطات الحماية سنة 1934م ونذكر من بين هذه المطالب الإصلاحية مايلي :
الإصلاحات الإدارية .
- احترام النظام الإداري الإستعماري كافة المعاهدات والإلتزامات الدولية .
- احترام سيادة المغرب على حدوده الترابية .
- إلغاء المؤسسات التي أقيمت منذ إعلان نظام الحماية بالمغرب .
الإصلاحات الإجتماعية .
- السماح بحرية انشاء المدارس الحرة، ومختلف المؤسسات العمومية، وخاصة منها المستشفيات .
الإصلاحات الإقتصادية والمالية .
- تحويل الدولة المغربية الحق في استغلال المناجم .
- المساواة في الضرائب بين المستعمرين الأجانب والمغاربة .
3 - الحركة الوطنية في منطقة الإحتلال الإسباني .
طالبت الحركة الوطنية في منطقة الإحتلال الإسباني بمجموعة من المطالب، تحت قيادة كل من حزب الإصلاح الوطني سنة 1933م ( عبد الخالق الطريس )، وحزب الوحدة المغربية سنة 1937م ( المكي الناصيري )، ومن بين هذه المطالب نذكر :
- التَّشبث بسلطان المغرب .
- انشاء مدارس ابتدائية وثانوية، وتعريب التعليم المغربي .
- تحسين مستوى عيش الفلاحين، من خلال القيام بإصلاحات تخص هذا القطاع .
4 - مطالب، وأهداف مشتركة .
سواءً تحدثنا عن الحركة الوطنية في الشمال أو الجنوب، إلا أنها تبقى موحدة الأهداف والرؤى، وذلك من خلال توحيد مطالبها وطرق نضالها .
لقد نهجت الحركة الوطنية في مقاومتها ضد المستعمر كل الوسائل والآليات المشروعة، للدفاع عن مواقفها، ولمجابهة السياسة الإستعمارية، وذلك من خلال إصدار مجموعة من المجلات والجرائد؛ كمجلة المغرب، وجريدة الشعب .
تبنت الحركة الوطنية مجموعة من الأهداف والغايات، نذكر منها :
- فضح السياسة الإستعمارية، والتنديد بالإستيطان الفلاحي .
- مقاطعة المنتوجات والبضائع الغير محلية .
- الدعوة للإحتفلال بعيد العرش سنة 1933م لأول مرة بالمغرب، وذلك لإظهار قيمة السلطان في قلوب المغاربة، وابراز مدى تمسك المغاربة بالمؤسسات الشرعية للبلاد .
ثانيا : تطور الحركة الوطنية ما بين 1939م و1956م، ومراحل استكمال الوحدة الترابية .
1 – أبرز الأحداث التي ساهمت في تطور الحركة الوطنية ما بين سنة 1939م و 1945م .
- انهزام فرنسا في الحرب العالمية الثانية أبان عن حجم الضعف الذي تُعاني منه فرنسا عسكريا وإداريا .
- استغلال زيارة الرئيس الأمريكي روزفلت للمغرب خلال لقائه بالسلطان ( لقاء أنفا 1943م )، والطلب منه تقديم المساعدة في نيل استقلال المغرب، حيث شكلت هذه الزيارة تعبيرا واضحا عن رفض كل أشكال الإستعمار بالعالم .
ساهمت هذه الأحداث في تطور مطالب الحركة الوطنية من مجرد المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة باستقلال المغرب، حيث أصدر حزب الإستقلال في 11 يناير 1944م وثيقة المطالبة بالإستقلال وتضمنت هذه الوثيقة المطالب التالية :
- إلغاء معاهدة الحماية التي لم تضمن للمغرب أي نتائج ملموسة .
- إبراز مكانة المغرب، باعتباره دولة عريقة لها تقاليد وخصوصية ثقافية مميزة .
- الإعلان عن استقلال المغرب تحت سيادة السلطان محمد بن يوسف .
ثالثا : التطورات التي صاحبت استقلال المغرب ما بين 1946م و1956م .
شكلت وثيقة المطالبة بالإستقلال، وخطاب طنجة سنة 1947م الذي أكد فيه السلطان على وحدة المغرب واستقلاله، وكذلك خطاب العرش سنة 1952م، وقيام مجموعة من الإحتجاجات التي نددت باغتيال النقابي التونسي فرحات سنة 1952 من طرف السلطات الفرنسية، أثر ودور بارز في التطورات اللاحقة التي شهدها المغرب، ومنها :
- تنحية السلطان محمد بن يوسف عن العرش وتنصيب محمد بن عرفة مكانه في 20 غشت 1953 م .
- نفي السلطان محمد بن يوسف وعائلته إلى مدغشقر .
- قيام مجموعة من الإحتجاجات والمظاهرات المنددة بالإحتلال الفرنسي، وعودة الكفاح المسلح من خلال بعض الحركات الفدائية .
فتحت الحكومة الفرنسية مفاوضات مع السلطان وزعماء الحركة الوطنية منذ غشت 1955، والتي تُوجت بعودة السلطان، وإعلان استقلال المغرب في 2 مارس 1956م، وفي أبريل سنة 1956م تم عقد اتفاق مغربي اسباني انتهى بإلغاء نظام الحماية بشمال المغرب .
رابعا : مراحل استكمال الوحدة الترابية بالمغرب .
بعد الإعلان عن استقلال المغرب سنة 1956م، جاءت مرحلة استكمال الوحدة الترابية، والتي تمت بشكل تدريجي من خلال مجموعة من المراحل :
في سنة 1957م: استرجاع مدينة طنجة .
في أبريل 1958: استرجاع مدينة طرفاية .
في مارس 1969: استرجاع مدينة سيدي إيفني.
في نونبر 1975: تم تنظيم المسيرة الخضراء واسترجاع منطقة الساقية الحمراء.
في غشت 1979: استرجاع منطقة وادي الذهب، بعد تقديم البيعة من طرف وفد صحراوي يمثل سكان المنطقة الصحراوية.
خاتمة .
رغم استقلال المغرب واسترجاعه لمجموعة من المناطق، إلا أن المجهودات لازالت متواصلة لحد الآن، لتحقيق استرجاع كامل وشامل لمختلف المناطق المحتلة؛ كااسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين من طرف المستعمر الإسباني .
إرسال تعليق