نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة
تمهيد .
ساهمت المخلفات السياسية للحرب العالمية الثانية في بروز نظام القطبية الثنائية، وبالتالي قيام الحرب الباردة .
فما هو السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية ؟
- ماهي عوامل بروز الحرب الباردة الأولى ؟
وما هي السمات الأساسية التي تخللت مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية ؟
أولا : الأوضاع الدولية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز نظام القطبية الثنائية .
1- أدت المخلفات السياسية للحرب العالمية الثانية إلى بروز نظام القطبية الثنائية .
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية متأخرة للحرب العالمية الثانية، واستطعت بذلك حسم الحرب لصالح دول الحلفاء الغربيين، بحيث ساهم الجيش الأمريكي في تحرير دول أوربا الغربية من الإحتلال الألماني ( النازي ) .
في المقابل حقق الإتحاد السوفياتي بدوره انتصارات مهمة على ألمانيا في الطور الثاني من الحرب العالمية الثانية، بحيث قام بتحرير أراضيه، ومن الإستيلاء على بلدان أوربا الشرقية، وأقام بها أنظمة اشتراكية، فبرز بذلك كقطب ممثل للنظام الإشتراكي الشيوعي .
2- كرس تأسيس هيأة الأمم المتحدة بروز نظام القطبية الثنائية .
بمقتضى مؤثمر سان فرانسيسكو لسنة 1945 تم تأسيس هيأة الأمم المتحدة، والتي تتلخص أهدافها في النقاط التالية :
- إقرار السلم والأمن العالميين .
- تعزيز التعاون بين دول العالم في مختلف الميادين والمجالات .
- احترام مبادىء حقوق الإنسان.
_ ترتكز هيأة الأمم المتحدة على الأجهزة التالية :
مجلس الأمن : ويتكون من 15 عضوا 5 منهم يمثلون الدول الكبرى التي تمتلك حق الفيتو ( الاعتراض ) .
ويسهر مجلس الأمن على معاقبة الدول المخالفة لميثاق هيأة الأمم المتحدة، وبإرسال الجيش الأممي إلى مناطق التوتر والنزاع بهدف اقرار السلم.
الجمعية العامة : تتكون من مندوبي دول الأعضاء، وتقوم بدراسة القرارات والمصادقة على المقترحات .
الأمانة العامة : تتولى مهمة تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة .
محكمة العدل الدولية : تنظر في النزاعات الدولية.
المجلس الإقتصادي والإجتماعي : يتدخل لتقديم التعاون بواسطة لجان تقنية ،كما ينسق عمل المؤسسات المختصة مثل : المنظمة العالمية للتغذية والزراعة ، والمنظمة العالمية للصحة.
ثانيا : تصاعد التوتر الدولي ونشوب الحرب الباردة الأولى .
1- الحرب الباردة الأولى وأسبابها :
التناقض الموجود بين الرأسمالية ونقيصتها الإشتراكية، فإذا كانت الرأسمالية تقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والفوارق الاجتماعية ، فإن الإشتراكية تعتمد على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والمساواة الاجتماعية.
النزاع بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية حول دول أوربا الشرقية : فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالمطالبة بتنظيم انتخابات نزيهة تحت إشراف الحلفاء الغربيين لتحديد أنظمة ديمقراطية، ولكن في المقابل رفض الإتحاد السوفياتي هذا المطلب وحافظ على الأنظمة الاشتراكية.
خلاف الإتحاد السوفياتي مع دول الحلفاء الغربيين حول مصير ألمانيا، بحيث اعترض الإتحاد السوفياتي على إعادة توحيد ألمانيا في إطار النظام الرأسمالي.
2- مظاهر الحرب الباردة الأولى ( 1947-1953 ) .
القطيعة الإقتصادية والسياسية : قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مساعدات اقتصادية لدول أوربا الغربية في إطار مشروع مارشال، وفي المقابل أسس الإتحاد السوفياتي منظمة الكوميكون التي جمعته بدول أوربا الشرقية.
أزمة برلين الأولى : أعلن الحلفاء الغربيون سنة 1948 عن تأسيس دولة ألمانيا الغربية ( الرأسمالية ) في المناطق الخاضعة لنفوذهم، فكان رد فعل الإتحاد السوفيتتي على ذلك وهو حصار برلين الغربية، وإعلانه تأسيس دولة ألمانيا الشرقية (الاشتراكية) في سنة 1949 .
التحالفات العسكرية : أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية كل من حلف الشمال الأطلسي ( الناتو ) وحلف بغداد ومنظمة حلف جنوب شرق آسيا، وفي المقابل أسس الإتحاد السوفياتي حلف وارسو الذي ضم الدول الاشتراكية.
الحرب الكورية (1950 _ 1953 ) : قامت القوات الأمريكية بالتدخل إلى جانب كوريا الجنوبية في حربها ضد كوريا الشمالية، والتي كانت تتلقى دعمها من طرف القوات الصينية بأمر من الإتحاد السوفياتي.
ثالثا : مرحلة التعايش السلمي واندلاع الحرب الباردة الثانية .
1 _ بعد وفاة الرئيس ستالين دخلت العلاقات بين القطبين في مرحلة التعايش السلمي .
اعترف الإتحاد السوفييتي بألمانيا الغربية، وقام بحل الكومنفورم وأقر بتعدد طرق تحقيق الاشتراكية، وبأهمية تفادي الحروب والثورات العنيفة .
في مقابل ذلك أوقف الرئيس الأمريكي ايزنهاور الحملة المكارتية المعادية للشيوعية، واستقبل لأول مرة الرئيس السوفياتي خروتشوف . وعقد البلدان مؤتمرات لحل بعض النزاعات الدولية القائمة، كما قانا بتوقيع اتفاقيات للحد من انتشار الأسلحة النووية .
2_ أشكال الحرب الباردة الثانية .
أزمة برلين الثانية : في سنة 1961 أقامت ألمانيا الشرقية جدار برلين، والذي استهدفت من خلاله الحد من هجرة ملايين السكان نحو ألمانيا الغربية.
الأزمة الكوبية سنة 1962 : حاصرت القوات الأمريكية كوبا، وأرغمت الإتحاد السوفياتي على تفكيك قواعده العسكرية الموجودة فوق أراضيها، وسحب صواريخه العابرة للقارات.
ربيع براغ : في سنة 1968 اندلعت ثورة شعبية في براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا عرفت باسم " ربيع براغ ". غير أن الجيش السوفييتي تمكن من إخمادها .
حرب الفيتنام : تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا لمواجهة الشيوعية في الفيتنام الشمالية خلال الحرب ( 1954- 1975 ) .
التسابق نحو التسلح : اشتد التنافس العسكري بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية في مجال التسلح حيث ثم اختراع الأسلحة الاستراتيجية وأسلحة الدمار الشامل.
الصراعات الإيديولوجية في العالم الثالث : قام الإتحاد السوفييتي بإحداث أنظمة اشتراكية في بعض البلدان الآسيوية والإفريقية وأمريكا الوسطى، وفي المقابل قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الحركات المناهضة لهذه الأنظمة.
خاثمة .
مع نهاية الثمانينات انهارت الإشتراكية بأوربا الشرقية، وتفكك الإتحاد السوفياتي ( 1991 )، وبالتالي ظهر النظام العالمي الجديد ( أحادي القطب ).
إرسال تعليق