مفهوم العنف .
شعب الآداب والعلوم الإنسانية .
دروس الفلسفة الثانية باكالوريا .
الإشكالية .
المحور الأول : أشكال العنف
ما هي طبيعة العنف ؟ وما هي أشكاله ومظاهره؟
كونراد لورينتز
يرى أن الإنسان عنيف وعدواني بطبيعته الغريزية، وهذا يرتبط بمؤثرات خارجية؛ ذلك أن ما قد يتعرض له الإنسان من قهر أو عنف، لأمد طويل، من المرجح أن يترك آثارا نفسية مدمرة لديه، فيشكل ذلك سببا للاستفزاز الدائم والتصرف بحقد أو عدوانية تجاه الآخرين. وبهذا فالعنف من حيث هو فعل مدمر، يتم توجيهه ضد الآخر لإخضاعه، ويتخذ شكل العدوانية، وهي عدوانية مشتركة بين الإنسان والحيوان، بمقتضی القرابة الموجودة بينهما.
فون كلوزوفيتش
يقيم علاقة وطيدة بين السياسة والحرب، معتبرا أن أشد أشکال العنف ضراوة وتطرفا هي الحرب، التي هي فعل بشري عنيف يختص به الإنسان وحده، ويوجهه نحو الآخر، لإرغامه على الخضوع وتحطيم قدرته على المقاومة. إن الحرب فعل قائم على استخدام القوة بإفراط دون حدود للتوقف حتى الوصول إلى إخضاع الخصم للإرادة الخاصة .
إيف ميشو
العنف حاضر في مجتمعاتنا الحالية بأشكال متعددة وطرائق متنوعة، تلجأ إليه المؤسسات والأفراد، لإبادة الآخرين وتدميرهم أو إقصائهم أو على الأقل إخضاعهم. هذه الأشكال التدميرية، كانت حاضرة في الماضي، لكن ما يميزها حاليا باعتبارها عنفا هو أنها صارت أيضا تمارس بنوع من الدهاء والذكاء الساخر الذي يسخر كل الوسائل التعليمية والتقنية حتى تكون له نتائج فعالة، تجعله خطيرا وعظيما.
بيير بورديو
يشير إلى نمط جديد من العنف هو العنف الرمزي، الذي رغم أنه غير مجسد ماديا، فهو قائم على تعسف ثقافي يتلقاه الفرد عبر الكلام، اللغة، التربية... بعيدا عن ثقافته الرسمية، انطلاقا من ثقافة وإيديولوجية الطبقة السائدة المختلفة عن ثقافته. إنه عنف خفي غير ملموس، يأتي في صورة لطيفة، تجعل الفرد لا يراه كعنف بقدر ما يكون مستعدا تلقائيا لتقبله والاعتراف بشرعية المعلومات والآراء والمعتقدات المنقولة إليه، وبالسلطة التربوية لأجهزة الإرسال التربوية على أنها تمثل الصواب والحقيقة .
سيغموند فرويد
يولي أهمية بالغة للإنسان في بعده اللاواعي كما يبدو في الأهواء والميولات: وبشكل خاص في ذلك النزوع العدواني، سواء الفردي (الغرائز الفطرية) والميولات، أو الجماعي (الاستيلاء، الغزوات، الهجرات...)، الذي يهدد المجتمع المتحضر دائما بالانهيار والزوال، مما يفرض على الحضارة الإنسانية التقليص من تلك العدوانية البشرية بردود أفعال نفسية خلقية وأخلاقية في نفس الوقت .
المحور الثاني : العنف في التاريخ .
الإشكالية
كيف يتولد العنف في التاريخ البشري ؟
توماس هوبز
يری أن العنف يتولد عن ثلاثة عوامل رئيسية وهي : التنافس؛ ذلك أن الأفراد يتخذون من الهجوم خير وسيلة لتحقيق منافعهم ومصالحهم وسيادتهم، والحذر كسبيل لضمان أمنهم وسلامتهم. ثم الكبرياء الذي يرمز إلى سمعتهم: فرغم ما يتراءى من أن الناس يتشاركون السلطة فيما بينهم بشكل يحول دون أن يعتدي بعضهم على بعض، فإنهم مع ذلك يعيشون حربا خفية غير معلنة ضد بعضهم البعض .
كارل ماركس
يرى ماركس أن المُعطى الأساسي في المجتمع هو الصراع بين من يملكون وسائل الإنتاج وبين من لا يملكونها . وهذا الصراع يخترق تاريخ المجتمع البشري منذ المجتمع البدائي إلى المجتمع الرأسمالي؛ حيث التعارض الكلي بين طبقة البرجوازية وطبقة البروليتاريا. إلا أن هذا الصراع الطبقي يتخذ طابعا فرديا لا يعيه الفرد ذاته كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي أو إيديولوجي واضح.
المحور الثالث : العنف والمشروعية .
الإشكالية .
هل يمكن الإقرار بمشروعية العنف من زاوية الحق والقانون والعدالة ؟
ماكس فيبر .
تقومُ السلطة على ممارسة العنف، فهي وحدها لها مشروعية استخدامه، لأن التعاقدات والمواثيق الاجتماعية تعني من بين ما تعنيه التنازل للدولة عن حق استعمال العنف في مجال سياسي يتميز بتقاسم السلط ومراقبتها، وعلى ذلك فالعنف المشروع هو حق من حقوق الدولة الحديثة التي تحتكر استخدامه لصالح الجماعة بطريقة ديمقراطية .
غاندي .
يتصور العنف كشيء سلبي وهدام ولا يمكن أن يصلح أساسا لبناء أي شيء. إنه نية سيئة تضمر حقدا. أما اللاعنف الذي يدين به (غاندي) ويدعو إليه، فهو ليس شيئا سلبيا واستسلاميا، بل هو نضال ضد الشر وضد الحقد وضد كل المظاهر السلبية. إنه القانون الذي يحكم النوع الإنساني، وبالتالي يمكن أن يحقق أشياء إيجابية في حين يظل العنف عنفا أي سلبا ورذيلة، وقانونا يحكم النوع الحيواني. وبالتالي فلا إيجابية ولا أحقية ولا مشروعية له.
إرسال تعليق